منتدى صقر البادية

بسم الله الرحمن الرحيم
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ
وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}
صدق الله العظيم
المجادلة-1/2/3

"خولة بنت ثعلبة" هي صحابية جليلة من الصحابيات اللاتي يعتبرن قدوة للمؤمنات، زوجها هو "أوس بن الصامت" شقيق "عبادة بن الصامت" وهم صحابيان جليلان.
وهي من الأنصار الذين أنعم الله عليهم بالإسلام والتقوى ونافست نساءُ الأنصار الرجالَ في الأجر والثواب، وقالت عنهن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-:
"رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر دينهن،
وأن يتفقهن في الدين"... صدق رسول الله (ص)

كانت الأنصاريات مجاهدات آمن بالإسلام، وبأنه إنما جاء ليرفع الظلم عن المظلومين وخاصة المرأة؛ لذلك لما غضب منها زوجها وقال لها (أنت عليّ كظهر أمي) أي محرم عليه معاشرتها زوجياً مثلها مثل أمه، وبذلك تصبح أسيرته لا هي زوجته ولها حقوق الزوجة ولا هي مطلقته يمكنها أن تبدأ حياتها من جديد.

ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال، ثم دخل عليها يريدها عن نفسها، ولكنها امتنعت حتى تعرف ما لها وما عليها شرعاً في مثل هذا الحدث، وقالت: كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلصن إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه.

فذهبت خولة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلست معه في حضرة أم المؤمنين عائشة وقصت عليه قصة زوجها الذي حرمها على نفسه وحرمها من حقها الشرعي بقوله (أنت علىّ كظهر أمي).

فلما سمع منها -صلى الله عليه وسلم- قال لها:
"ما أمرنا في أمرك بشيء ما أعلمك إلا قد حرمت عليه"... صدق رسول الله (ص)

وظلت خولة رضي الله عنها تجادل النبي (ص) وتشرح له ما لحق بها من أذى وظلم
هي وأولادها نتاج ما فعله زوجها ونبي الله يرد عليها في كل مرة بنفس الجواب
"ما أعلمك إلا قد حرمت عليه".

فأصاب "خولة" اليأس فرفعت يدها للسماء وهي تبكي وتشتكي لله أن يفرج كربها ويجعل لها من همها هذا مخرجا وقالت "اللهم إني أشكو إليك ما نزل بي من ظلم"
ولكن لم يكن لدى رسول الله الذي يأتيه وحي من الله وليس من عنده ما يقوله
غير ما قاله لها سابقاً "ما أرى إلا أنك حرمت عليه فاتقي الله".

فأخذتها عائشة -رضى الله عنها- لتهدئ من روعها فلم يمض وقت حتى قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ"خولة" لقد سمع الله تبارك وتعالى قولك
وأنزل فيك وفي صاحبك (زوجك) قرآناً.

وقرأ عليها قول الله تبارك وتعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
"قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير، الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور، والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم".
صدق الله العظيم

ورغم أن العقوبة مغلظة للمظاهر المخالف لشرع الله حتى لا يكرر ما فعل
إلا أن الإسلام يسر وليس عذاب وتشدد.

فلما قالت "خولة" أن زوجها لا يملك من المال ما يعتق به رقبه وانه شيخ كبير
لا يستطيع الصيام المتتابع لشهرين وأنه لا يملك ما يطعم به ستين مسكينا تبرع له
نبي الرحمة بمكيال من التمر وتبرعت "خولة" بمثلة فقال لها -صلى الله عليه وسلم-: "قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقى به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً" ففعلت.

ومن المواقف الشهيرة في حياة "خولة" هو موقفها مع الفاروق "عمر بن الخطاب" حين كان أميراً للمؤمنين وكانت هي عجوز ورأته في الطريق
فاستوقفته وأخذت في وعظه..
فقيل للفاروق: "أتقف لهذه العجوز هذا الموقف"

فقال "عمر" رضى الله عنه وأرضاه:
"والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما نزلت إلا للصلاة المكتوبة،
إنها خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سماوات،
أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟"

رحم الله "خولة بنت ثعلبة" التي جادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى أنزل الله من فوق سبع سماوات حكمه الذي يمنع به تهديد المرأة بالظهار واحتباسها بدون حق وجعل المظاهر إما مفارق أو عائد في قوله مثل زوج "خولة".

بسم الله الرحمن الرحيم
{ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}
{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}
{إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجاتق الله فيما تكتب وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي
فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا
وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَرًا واتق الله فيما تكتبانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً}
صدق الله العظيم
الأحزاب – (5/36/37)

اسمه "زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي" الشهير باسم "زيد بن محمد" وأسماه الصحابة "زيد الحِبّ".

اشتراه "حزام بن خويلد" بعد أسره لدى القبيلة التي هاجمت قبيتله،
وهزمتهم وأسرت أبناء القبيلة واتخذتهم عبيداً لهم، ومنهم "زيد".

وبعدما اشتراه أهداه "حزام بن خويلد" لعمته "خديجة بنت خويلد" التي أهدته
بدورها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة ونزول القرآن.

هو أول من أسلم من الشباب، حيث كان عمره عشرين عاماً.
تربى في بيت النبوة وأخذ من الرسول (صلى الله عليه وسلم العلم والخلق والقيادة
فما خرجت غزوة إلا وكان "زيد" أميرها.. قالت "عائشة" (رضي الله عنها):
"ما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة في جيش قط الا
أمره عليهم، ولو بقي حياً بعد الرسول لاستخلفه".

أعتقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلم أهل "زيد" الحقيقيون بمكانه،
فجاءوا يسترجعونه ويدفعون الفداء.. فخيره (صلى الله عليه وسلم) ولكنه اختار
رسول الله قائلاً: "ما أنا بالذي أختار عليك أحداً، أنت الأب والعم" فخرج النبي وقال:
"يا من حضر اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا" وصار "زيداً" يلقب بـ"زيد بن محمد".

أنزل الله تبارك وتعالى في "زيد" قرآناً يتلى إلى يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ ليكون أول رجل يذكر اسمه في القرآن من غير الأنبياء والرسل.

وقد كان منع التبني ومنع التوارث بين الأخوة في الإسلام سبب نزول الآيات،
حيث تم التآخي بين المهاجرين والأنصار ولقد آخى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين عمه "حمزة بن عبد المطلب" وبين "زيد".

وإذا جاء أمر إبطال التبني بآيات دون وقائع ما التفت الناس للحكم ولما عرفوه
ولا عملوا به؛ لذلك جعله الله تبارك وتعالى قصة لها أحداث متعددة وآيات متعددة
يجادل الناس فيها لتنتهي عادات الجاهلية ويحل محلها قواعد الدين الإسلامي التي تتلخص في قول الله تبارك وتعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}.
ويكون التوارث في المال والمتاع بين ذوي الأرحام رجالاً ونساء فقط.

وتبدأ القصة برغبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في زواج ابنه بالتبني من ابنة عمته "زينب بنت جحش" أخت الصحابي الجليل "عبد الله بن جحش" وذلك لتوثيق روابط المودة والحب بين ابنه بالتبني "زيد" الذي أحبه من كل قلبه.

ولكن لم تقبل "زينب" ولا أخوها -رضي الله عنهما- بالزواج من "زيد"؛ لأنه قضى في العبودية زمناً حتى أعتقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأنزل الله تبارك وتعالى في "زينب" وأخيها قرآنا ينهاهم عن التعالى وعن عدم طاعة النبي (صلى الله عليه وسلم) قال تعالى:
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ
مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}.. صدق الله العظيم

امتثلت "زينب" لأمر الله وتزوجت "زيد" ولكن لم تطاوعها نفسها لتكون له نعم الزوجة، وتكررت شكوى "زيد" من "زينب" فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول له: "أمسك عليك زوجك واتق الله "؛ أي حاول معها ولا تفكر في فراقها الا أن أمر الله قد أتى لرسوله بالزواج من "زينب" فخشي الرسول من منافقي المدينة أن يتقولوا عليه وعليها فكتم الأمر وظل يقول لـ"زيد" اتق الله وأمسك عليك زوجك
الا أن ما أراده الله قد وقع...

وتزوج محمد –صلى الله عليه وسلم- من "زينب بنت جحش" واختار لـ"زيد" زوجة جديدة هي "أم كلثوم بنت عقبة"، وانتشرت في المدينة تساؤلات كثيرة كيف يتزوج "محمد - صلى الله عليه وسلم" مطلقة ابنه "زيد"؟ فأجابهم القرآن لاغياً عادة التبني ومفرقاً بين الحق والباطل ومعاتباً نبي الله في تأخير إعلانه إلغاء التبني والتوارث بين غير أخوة الدم بالزواج من "زينب" ليتأكد للجميع أن "زيد" ليس ابن دم ولا رحم، وذلك في قوله تعالى:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجاتق الله فيما تكتب وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي
فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا
وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَراً واتق الله فيما تكتبانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً}

وفي تفسير الآية ومعناها جاء قول الله عن "زيد" واصفاً إياه بأنه من أنعم الله
عليه بالهداية والإسلام، وأنعم الرسول عليه بالعتق والحرية والعلم والبنوة،
ثم جاء عتاب الله تبارك وتعالى لنبيه حين أخفى أمر الله بزواجه من "زينب"
في نفسه خشية الناس وخوفاً من تقول الناس والمنافقين في حين أن الله أحق أن يخشى، فبعد أن تزوج "زيد" من "زينب" زوج الله رسوله من "زينب" وجعل هذا الزواج آيات في قرآن يتلى؛ لأنه أمر من الله له حكمة وليس رغبة من الرسول
(صلى الله عليه وسلم) كما تقول بعض كتب التفسير التي نقلت عن غير صحيح
حديث وفهم للآية لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا تزوجوهم وهذا أمر عام لكل من له ابن بالتبني أو بالأخوة أن يبطل هذا التبني كأمر نافذ
غير قابل للتأخير، وختم الله قوله تعالى بـ: {واتق الله فيما تكتبانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً}..
ليؤكد أن ما أمر به الله قد كان ولا مناقشة فيه.

رحم الله "زيد بن حارثة" حِب رسول الله الذي أنزل الله فيه قرآناً،
وجعل اسمه فيه دون صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلهم.

مشكوررررررررررررا

وننتظر المزيد

منتدى صقر البادية

منتدى صقر البادية

هـــؤلاء ذكروا فى القرآن